أخبار

إسرائيل تتنفس تطرفا.. حركة "الأمر 9" عرابة التجويع

07:37 29/11/2024

- حركة "الأمر 9" تأسست مطلع 2024 إلا أن صيتها ذاع بسرعة جراء تطرفها المتفاقم
- الحركة تدعم نتنياهو في الإبادة بغزة ووقف المساعدات وهاجمت القوافل أكثر من مرة
- نظمت وقفات على المعابر لمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
- لها علاقة وثيقة مع حزب بن غفير وتضم جنود احتياط شاركوا في الإبادة بغزة

أنقرة/ 29 نوفمبر/تشرين الثاني//برناما-الأناضول//--  تحاول إسرائيل تقديم نفسها على أنها "واحة الديمقراطية" في الشرق الأوسط، إلا أن الحركات المتطرفة التي تشكل قوام دولة الاحتلال تكشف زيف تلك المزاعم، وتفضحها علناً من خلال شعاراتها العنصرية وبرامجها المتطرف.

حركة "الأمر 9" واحدة من تلك الحركات، ورغم حداثة عهدها، إلا أنها حجزت مكانا كبيرا على الساحة السياسية الإسرائيلية، وذاع صيتها في المجتمع الدولي، حسبما ذكرته الأناضول.

تبنت الحركة سياسة تجويع الفلسطينيين ووقف إرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة إسرائيلية، والدعوة الدائمة للتظاهر عند المعابر الحدودية بين القطاع وإسرائيل لقطع الطريق أمام شاحنات المساعدات.

في 10 مارس/ آذار الماضي، أكد مؤسسا الحركة الزوجان الإسرائيليان ريعوت ويوسف بن حاييم، في مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية، أنهما نجحا لبعض الوقت في وقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وأشارا إلى أن مؤيدي الحركة في تزايد مستمر.

ويأتي هذا التأييد سواء بالدعم الحقيقي عن طريق الحضور إلى مداخل المعابر الحدودية مع القطاع، أو بالدعم المعنوي عن طريق تحفيز الجيش الإسرائيلي على الاستمرار في الإبادة بغزة.

وتعود فكرة التأسيس إلى مطلع العام الجاري، للمطالبة بعودة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة "حماس"، ووقف المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفرض حصار كامل.

وفي هجوم مباغت هز الجيش الإسرائيلي، نفذت "حماس" عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فهاجمت 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى.

وتسبب الهجوم بحالة إرباك في إسرائيل على كافة المستويات، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بفشل التنبؤ المسبق بالهجوم الذي اعتبره مسؤولون إسرائيليون أكبر خرق استخباري في تاريخ تل أبيب.

** هيكلية الحركة

في 11 يناير/ كانون الثاني 2024، وبمبادرة من الزوجين المتطرفين اللذين يستوطنان بمستوطنة "نتيفوت" جنوب إسرائيل، تبنت الحركة شعار "لا مساعدات حتى يعود آخر المخطوفين".

الزوجان كانا من أوائل الإسرائيليين الذين تظاهروا أمام معبر كرم أبو سالم (جنوب غزة) في 10 يناير، للمطالبة بوقف المساعدات الإنسانية.

وللزوجين ثمانية أبناء يتجولون معهما في كل نشاط، ويقولان إن الهدف من تأسيس الحركة وقف شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة.

إضافة إلى العمل على إلغاء شرعية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وعودة الأسرى لدى "حماس"، وذلك بحسب الموقع الرسمي للحركة.

ويعود اسم الحركة إلى الأمر العسكري رقم 9، الخاص بالتجنيد الفوري لجنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بحسب قانون خدمة الاحتياط.

وتضم جنودا من الاحتياط شاركوا في إبادة الفلسطينيين بغزة، وينتمي لها 15 ألف شخص، غير أن أعضاءها يتوقعون أن العدد في الواقع أكبر من ذلك، فقد دعم وشارك في أعمال مرتبطة بالحركة منذ انطلاقها نحو 300 ألف إسرائيلي.

تعتبر الحركة من المنظمات الإسرائيلية المتطرفة المساهمة بتفاقم الأوضاع الإنسانية بغزة، حيث نشأت في أجواء التحريض والكراهية لكل فلسطيني، مع رغبة في الانتقام سادت المجتمع الإسرائيلي بعد عملية "طوفان الأقصى".

** فعاليات الحركة

صحيفة "هآرتس" العبرية أكدت في 28 يناير، أنه نتيجة اعتداءات متكررة قامت بها الحركة على معبر كرم أبو سالم، أقام الجيش الإسرائيلي بعض الحواجز على الطرق المؤدية إلى المنطقة، واضطر إلى إعلان بعض الطرق "مناطق عسكرية مغلقة".

ومن بين الفعاليات المؤثرة للحركة، ما قامت به في 9 سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث أغلقت معبر اللنبي (جسر الملك حسين) أمام حركة شاحنات المساعدات التي من المفترض أن تغادر الأردن إلى الضفة الغربية المحتلة ومنها إلى غزة.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في التاريخ نفسه، أنه سبق للحركة أن أغلقت مداخل مكاتب الأونروا في مدينة القدس الشرقية، ومنعت الموظفين من الدخول أكثر من مرة، منها في 20 مارس 2024، بحسب القناة 14 العبرية.

وتبرر الحركة مثل هذه الأعمال بمزاعم مفادها أن "الوكالة الأممية ما تزال تمنح الأكسجين للفلسطينيين في غزة، وتمد في عمر حركة حماس في القطاع".

لم تكتف الحركة بإغلاق مقار "الأونروا" أو التظاهر أمام المعابر الحدودية، بل قامت في 13 مايو/ أيار الماضي، بإحراق شاحنتي مساعدات وأشعلوا النار فيهما قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وبعدها بأربعة أيام هاجم بعض أعضاء الحركة شاحنة تجارية، اعتقدوا أنها متوجهة لغزة وأضرموا النار فيها شرق مدينة رام الله وسط الضفة.

وتداولت وسائل الإعلام العبرية في التاريخ ذاته، مقاطع فيديو وصورا تبين إحراق شاحنات مساعدات وإلقاء محتوياتها الإغاثية على الأرض.

وفي 28 أكتوبرتشرين الأول الماضي أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بشكل نهائي حظر أنشطة "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء اتفاقية عام 1967 الخاصة بعمل "الأونروا"، ما يعني حظر أنشطتها، في حال بدء سريان القرار خلال ثلاثة أشهر.

وللحركة علاقات وطيدة بأحزاب اليمين، وعلى رأسها حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، خاصة من قِبل عضو الحزب تسفي سوكوت، المعروف بأنه أكثر أعضاء الكنيست تطرفا، إذ يشارك في أغلب نشاطات الحركة.

سوكوت نشر مقالا في صحيفة "ماقور ريشون" العبرية في 27 مايو الماضي، زعم من خلاله أن "الاحتجاج ضد إدخال المساعدات إلى غزة من أهم الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة".

وفي أكثر من مناسبة، طالب بن غفير بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بالتنسيق مع أعضاء الحركة، فيما يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأييدا من الحركة في استمراره بالإبادة في غزة.

** عقوبات أمريكية على الحركة

ورغم دعم الولايات المتحدة الأمريكية المطلق لإسرائيل، إلا أنها فرضت عقوبات على الحركة منتصف يونيو/ حزيران الماضي، بتهمة "عرقلة القوافل ونهب وحرق الشاحنات التي تحاول إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة"، بحسب القناة 12 العبرية.

وأشارت القناة إلى اعتقال الحكومة الإسرائيلية حوالي 20 من أعضاء الحركة في 9 مايو الماضي، بعد منعهم وصول شاحنات المساعدات في منطقة "متسبيه رامون" بصحراء النقب جنوب إسرائيل.

ورغم دعمها لنتنياهو في الإبادة بغزة، إلا أن بعض ناشطيها يتداولون شعارات مناهضة للحكومة تحت عنوان "لقد نسيت دولة إسرائيل من هو العدو، بل تبذل قصارى جهودها لتوصيل المساعدة إلى القتلة".

من هنا، يبدو أن نتنياهو نجح في توظيف مثل هذه الحركات المتطرفة للتهرب من ضغوطات يمارسها المجتمع الدولي بشأن إدخال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية ووقف إطلاق النار في القطاع.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

برناما-الأناضول//س.هـ