أخبار

رأي: أسلوب القيادة الجديد لآسيان: دبلوماسية أنور إبراهيم الصامتة تُنهي الصراع بين تايلاند وكمبوديا

05:40 29/07/2025

كوالالمبور/ 29 يوليو/تموز//برناما//-- رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، فعلاً يستحق كل التقدير!.

للحظة، تساءل الكثيرون كيف استطاع رئيس وزرائنا التوفيق بين دولتين عضوين في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) كانتا في صراع خطير آنذاك.

لقد ازداد الوضع تعقيدًا عندما نُقل عن مسؤول في وزارة الخارجية التايلاندية قوله إنهم لا يحتاجون إلى تدخل طرف ثالث، مما زاد من تعقيد الصراع.

ونُقل عن المتحدث باسم الوزارة، /نيكورنديج بالاكورا/، قوله إن تايلاند تُفضل حل القضية من خلال المفاوضات الثنائية.

مع ذلك، اتخذ أنور، بهدوء ودون ضجة، نهج التحرك خلف الكواليس لترتيب وقف إطلاق نار تاريخي.

كان الجهد مُعقّدًا للغاية، لا سيما عندما تضمّن توترات تاريخية عريقة، ولكن بفضل العمل الجاد لوزارة الخارجية الماليزية، نجح أنور في تحقيق ذلك.

سيُعزّز هذا النجاح بلا شك مصداقيته رئيساً لآسيان 2025م. من الغريب جدًا أن يتحدث عن وحدة آسيان، بينما في الوقت نفسه تُطلق دولتان عضوتان فيها الصواريخ على بعضهما البعض.

انتهى الصراع الحدودي الذي استمر خمسة أيام - والذي شهد قصفًا مدفعيًا وإجلاءً جماعيًا للمدنيين - بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط.

كان تدخلًا شاملًا وفعالًا، وهو أمر نادرًا ما شهده تاريخ دبلوماسية جنوب شرق آسيا.

حظي دور أنور وسيطاً ميسراً بإشادة واسعة النطاق - ليس فقط لنجاحه في تخفيف التوترات، ولكن أيضًا لإحياء مصداقية آسيان في التعامل مع النزاعات بين دولها الأعضاء.

بالنسبة لتكتل إقليمي غالبًا ما يُنتقد لتأنّيه في اتخاذ الإجراءات، فقد سجّلت قيادة ماليزيا في هذه القضية تغييرًا بالغ الأهمية.

غالبًا ما يصف النقاد آسيان بأنها مجرد "ساحة للحوار"، لكن الحقيقة هي أن الحوار المتواصل أفضل بكثير من الحرب.

ستتشوه صورة أنور بالتأكيد إذا فشل في جمع البلدين على طاولة المفاوضات.

لكن ما يبرز حقًا هو قدرة أنور على توحيد الجانبين للتوصل إلى وقف إطلاق النار، حتى في مواجهة الخطاب القومي المتصاعد والحساسيات السياسية الداخلية في بانكوك وبنوم بنه.

تُبرز مشاركة مراقبين من الولايات المتحدة والصين قدرة ماليزيا على تحقيق التوازن بين قوتين عظميين. في عصر يشهد تنافسًا عالميًا متزايدًا على النفوذ في جنوب شرق آسيا، يُعد حياد ماليزيا قوةً لا ضعفًا.

في الواقع، لا تزال الإصلاحات الاقتصادية وقضايا الحوكمة المحلية تهيمن على الخطاب العام. ومع ذلك، قد يكون هذا النجاح الدبلوماسي هو الدفعة اللازمة لتشكيل خطاب قيادة أنور.

يُظهر هذا كيف لا تكتفي ماليزيا بالاستجابة، بل تجرؤ أيضًا على اتخاذ موقف حازم وبناء على الساحة الدولية.

بالطبع، لا تزال الرحلة بعد هذا مُعقّدة. فوقف إطلاق النار ليس اتفاق سلام. ولم تُحلّ الخلافات الحدودية والقضايا السياسية بين تايلاند وكمبوديا بشكل كامل بعد.

تمكّن صحفي تايلاندي مخضرم من إرسال رسالة لي يُحذّرني فيها من الاحتفال بالنصر مُبكّرًا، في وقتٍ لا تزال فيه الحدود غير هادئة تمامًا.

في الواقع، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC-بي بي سي) أن "الرصاص والصواريخ لا تزال تصل إلى كلا البلدين رغم محادثات السلام الجارية؛ وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تخفّ حدة التوترات على الجانبين".

ومع ذلك، فإن عرض ماليزيا لتسهيل استمرار الحوار - وربما حتى تشكيل قوة حفظ سلام - لم يُرسّخ مكانة كوالالمبور مديرةً للأزمات فحسب، بل ميسّرةً على المدى الطويل.

يُعرف أنور إبراهيم بأنه مُصلحٌ وصانع توافق. والآن، أضافت إدارته للأزمة إنجازًا كبيرًا آخر إلى رصيده القيادي: كونه رجل دولة إقليميًا.

بالنسبة لماليزيا، ينبغي أن يكون هذا تذكيرًا بما يُمكن تحقيقه من خلال الدبلوماسية الذكية والقيادة المبدئية.

ذكرت (بي بي سي) أن الرئيس /دونالد ترامب/ ربما لعب دورًا في الضغط عبر محادثات التجارة، لكن ماليزيا هي من يُنسب إليها الفضل.

وأفادت الهيئة: "العالم يراقب، وماليزيا فعلت ذلك".

وكالة الأنباء الوطنية الماليزية - برناما//س.هـ

المؤلف /وونغ تشون واي/ الحائز على جائزة صحفي وطني ورئيس المجلس الإدار لبرناما.