أخبار

باسقات النخيل في تربة سعودية: شواهد على أطراف الوادي ترصد ملامح الأرض وساكنيها

15/07/2024 02:01 PM

الطائف/ 15 يوليو/تموز//برناما-واس//-- تشرّبت أرض محافظة تربة إحدى محافظات منطقة مكة المكرمة الشرقية، بالمملكة العربية السعودية، عبق الماضي الذي تحدث عنه المؤرخ والمثقف والراوي، التي تتغنى فخرًا بشاعرية مواقعها التي حفلت بين مواضع نخيلها وجبالها وأوديتها وسهولها وهضابها وحراتها السوداء بالأحداث والشواهد التاريخية الصامدة إلى وقتنا الحاضر.

وعُرفت محافظة تربة بتفرد أوصافها وملامح بيئتها التي أعطت للزائر والسائح شكلاً جماليًا مختلفًا، وبأهميتها التاريخية منذ أمد بعيد كونها معلماً مهماً يرصد ملامح الحياة الاجتماعية والثقافية، حسبما نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).

وذلك وفق صور ومشاهدَ تراثية دلت على المكانة الاقتصادية القوية التي عاشتها المحافظة، وانتشار قلاعها الثابتة وقصورها الشامخة، وأسواقها العتيقة، التي حملت في جوانبها مشاهد الأحداث التاريخية، إضافة إلى الأيدي العاملة التي كانت تمتهن وتكتسب المواصفات الفنية المختلفة في بناء القصور والأسواق بالمواصفات الهندسية الدقيقة المناسبة لبيئة المنطقة.

"والتي استخدم فيها الآباء والأجداد العديد من مواد البناء كالطين اللبن الذي يتم تقويته أحياناً بالتبن أو الحصى الصغيرة، وجذوع أشجار الأثل، وجذوع النخيل وسعفها، إضافة إلى الأبواب التي صنعت من الأخشاب المحلية المقطوعة من أشجار السدر"، وفق الوكالة.

كما تتفرد تربة عن غيرها من محافظات المملكة بسريان أوديتها الرقراق التي تشق قلب تضاريسها ومنها "وادي كرا " و "وادي تربة"، الذي يعد أحد أطول الأودية التي ترفد تربة بالمياه العذبة، وفي أعلاه جبل عيسان، القريب من الباحة.

حيث يأخذ هذا الوادي اتجاهه نحو الشرق في تعرجات ومضائق ومكاظم تحبس الماء، فإذا كان بجوار عقيق غامد أخذ اتجاهه نحو الشمال في أرض تتخللها جبال وحرار، تكتنفه بعد ذلك حرّة صماء من جهتيه الشرقية والغربية، حتى يلتقي بوادي تربة على بعد 12 كم شمال المدينة.

ويزيّن هذا الوادي في غربه قطعة من الحرة السوداء على هيئة مثلث ضلعة الواديين "كراء وتربة"، وقاعدته جنوب الحرة، وله روافد أخرى أكثرها ينحدر منها كالحرة .

وأضافت الوكالة أن الوادي يتصف بضيق المجرى وعمقه، ولا يعرف الاتساع إلا في ثلاثة مواضع هي: الحشرج في ديار غامد، والجاوة في وسط الوادي في ديار البقوم، والرضم على بعد 15 كم جنوبي شرقي بلدة تربة.

وفي أسفل الوادي بمحاذاة بلدة تربة آثار زراعية أهمها الآبار العادية، وبعض النقوش المعبرة عن حياة البادية، رُسمت فيها أنواع الحيوانات والطيور التي عاشت في محافظة تربة، حيث يحتضن الوادي أُول الهجر للتجمع البشري وبناء العلاقات الاجتماعية -هجرة بن غنام- التي يفصلها عن العلاوة "صبر الحرة" الممتد بين الواديين، حيث شرع أهلها في إعمارها قديماً، ونقلوا إليها فسائل النخيل رمز محصولهم وإنتاجهم، التي وضع جذور غرسها الآباء والأجداد منذ قرون عدة.

وفي سياقٍ متصل رصدت وكالة الأنباء السعودية "واس" مشاهد راسخة على أطراف الوادي، إذ بُنيت بعض الحصون التي مازال بعضها قائماً، وآثار أخرى متبقية شاهد عيان إلى وقتنا الراهن، ومنها القصر الكبير القديم لـ"حمد بن عبد الله بن محي البقمي" -زوج غالية البقمية- الذي بناه على قمة تلٍ شمالي تربة في عام 1212 للهجرة.

يحده شرقاً وادي تربة وبعض المزارع، وغرباً وادي السليم (وادي ريحان)، وتم بناؤه من الطين الحر، وأسقفه من جذوع النخل والأثل؛ ويتكون القصر من 43 غرفة وبه مسجد وبوسطه ساحة كبيرة بها مربط للخيل ومخازن للمؤونة، ويحيط بهذا القصر سور مرتفع له بوابة شرقية تجاه المزارع.

كما عُرفت محافظة تربة إحدى المحافظات الشرقية لمنطقة مكة المكرمة بامتداد مكانتها البارزة كونها معلماً مهماً يرصد ملامح الحياة الاجتماعية والثقافية، وتحتضن صوراً ومشاهد تراثية دلت في ثناياها على المكانة الاقتصادية القوية التي كانت تعيشها المحافظة، حيث استطاع أهالي تربة تنويع مقومات حياتهم عبر التاريخ منذ أقدم عصوره.

فكانت الزراعة ووفرة المياه عاملا رئيسا في قوتهم الاقتصادية، وكان الرعي وتربية الماشية يردف هذا العامل قوةً، ويكتملان في أشكال الكمال والرخاء وسد الحاجة إلى البلدة التي أصبحت مع مرور أزمان التاريخ مقصدًا لكل ناشط اقتصادي من دخل الجزيرة العربية وخارجها، لما يمثله موقع تربة من أهمية استراتيجية على طرق قوافل التجارة ثم الحج قبل الإسلام وبعده، الذي جعل منها مدرسةً تستقبل أرضها أعرق الثقافات والتنوع البشري.

برناما-واس//س.هـ