كوالالمبور/20 ديسبمر/كانون الأول//برناما//-- قال الدكتور /ويليام تجهي/ من شركة الذكاء الاصطناعي بسنغافورة إن تطوير تقنية ( ChatGPT) و (Gemini) من النسخة الإقليمية والدولية يعد أمرًا مهمًا بالنسبة له، وذلك بسبب تجربته الشخصية فيما يتعلق بمكبرات الصوت في المساجد.
وأفاد بأنه عندما كان مشاركًا في أحد المنتديات الافتراضية، طلب منه أحد المشاركين نصيحة حول ما يجب فعله بمسألة مكبر صوت المسجد الذي بقرب منزله كان مرتفعًا جدًا.
كان الدكتور /ويليام/ مهتمًا بكيفية رد النموذج اللغوي الكبير (LLM) للذكاء الاصطناعي التوليدي(gen-AI) على هذه المشكلة في دول ذي أغلبية مسلمة مثل إندونيسيا، ولذلك، طرح هذا السؤال على عدة من روبوتات (LLM) باللغة الإندونيسية لاختبار مدى معرفة هذه الأنظمة بالثقافة والدين.
يعتمد هذا النموذج على خوارزمية معقدة تحلل كيفية تنظيم البشر للكلمات على الإنترنت، ويتعلم هذا النموذج تقديم الردود بناءً على السياق المستخلص من كميات ضخمة من النصوص الرقمية المتاحة على الإنترنت.
وقال الدكتور /ويليام/: " محادثتي هي، أنا أقيم في فندق وهناك مسجد بمكبر صوت عال جدًا خلف الفندق. ماذا يجب علي أن أفعل؟ ".
وأضاف: " إحدى الردود كانت: ربما يمكنك مقابلة أعضاء لجنة المسجد وتطلب منهم تعديل جدول الصلاة. هذه الإجابة تظهر عدم حساسية الوضع”.
وأوضح أن مثل هذا الطلب قد لا يمثل مشكلة في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا، ولكن في دول ذات الأغلبية المسلمة مثل جنوب شرق آسيا، على سبيل المثال: ماليزيا وإندونيسيا، يمكن أن يسبب مشاكل أكبر، لأن وقت الصلاة لا يحدده المسلمون، بل على وضع الشمس والموقع.
وأكد أن هذا الأمر معروف لدى سكان الدول الأعضاء في رابطة آسيان، على الرغم من أن تعداد سكان بعض الدول قد لا تساوي بعض.
في الوقت الحالي، يتم تطوير معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل (ChatGPT) و (Gemini) و(Llama) في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ليست على دراية جيدة في فهم الفروق اللغوية والثقافية والأعراف الدينية في ماليزيا والدول المجاورة لها. وهذا السبب بدأت ماليزيا والدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) الأخرى في تطوير (LLM)خاص بها يأخذ في اعتباره حساسيات الثقافة وبما يتعلق بالدين المحلي والإقليمي.
فجوة الحساسية الثقافية في الذكاء الاصطناعي
تسعى ماليزيا لتصبح مركزًا إقليميًا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها، وقد شهدت منذ العام الماضي تدفق استثمارات بمليارات الدولارات من شركات التكنولوجيا التي تسعى لتطوير البنية التحتية لتلبية احتياجاتها المتزايدة على الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أطلقت الحكومة مكتب الذكاء الاصطناعي الوطني (NAIO) والذي سيلعب دورًا رئيسيًا بوصفه سلطة مركزية في دفع أجندة الذكاء الاصطناعي في ماليزيا. كما اتخذت دول أخرى في رابطة آسيان خطوات مماثلة.
وقد أظهرت دراسة بعنوان "ميزة جنوب شرقي آسيا: قادة للذكاء الاصطناعي الناشئ" التي أجرتها شركة "Access Partnership" الاستشارية، أن المنطقة في وضع جيد لتحقيق ظفرة الذكاء الاصطناعي في مؤشر استعداد الذكاء الاصطناعي لعام 2023م.
تم تصنيف سنغافورة بوصفها أفضل دولة في الاستعداد من بين 12 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ فضلاً عن الهند، بينما صُنّفت ماليزيا الأكثر استعدادًا في الآسيان بعد سنغافورة في المركز الثامن خلف الهند، تليها تايلاند. ومن بين المزايا التي تتمتع بها المنطقة هو عدد سكانها 213 مليون نسمة تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عامًا، و70 في المئة منهم مهتمون جدً بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ارتفاع معدل استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية والدعم الحكومي.
ورغم هذه المزايا، لا تحظى دول جنوب شرقي آسيا، التي يبلغ إجمالي عدد سكانها حوالي 673.02 مليون نسمة في عام 2022م، بالأولوية من قبل مطوري الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقال الدكتور /ويليام/، رئيس الأبحاث التطبيقية في شركة الذكاء الاصطناعي بسنغافورة: "هناك اختلاف في االكثافة لأن هناك العديد من الدول وعديد من الثقافات في العالم، وأعتقد أن جنوب شرقي آسيا ليس مدرجًا في قائمة الأولويات ."
ونتيجة لذلك، ظهرت بعض الإجابات التي تطلب من "السائل" التحدث مع لجنة المسجد لتغيير أوقات الصلاة، ولهذا السبب أيضًا ترجمة "love shack" "كوخ الحب" إلى اللغة الإندونيسية وليست الماليزية.
وأوضح الخبير لوكالة أنباء برناما، أنه ليس من الصعب وضع النموذج اللغوي الكبير (LLM) للذكاء الاصطناعي التوليدي(gen-AI) لأن عمالقة الذكاء الاصطناعي مثل (OpenAI ) و(Google) و(Meta) يشاركون واجهات برمجة التطبيقات (API)، وهي مجموعة من القواعد والبروتوكولات التي تسمح للتطبيقات البرمجية بالتواصل مع بعضها البعض. ما يعقد الأمر هو نقص المحتوى المتاح على الإنترنت حول الثقافة والقضايا المتعلقة بجنوب شرقي آسيا باللغة المحلية.
سد الفجوة
إحدى القضايا التي قد تساهم في صعوبة ارتباط النموذج اللغوي الكبير (LLM) العالمية بمنطقة آسيان هي التنوع. فهذه المنطقة تضم العديد من اللغات والأنظمة السياسية المختلفة.
بعض الدول لديها ملوك بينما الأخرى هي جمهوريات. هناك حكم ديمقراطية واستبدادية. كما أن الأديان والأعراق تختلف من دولة إلى أخرى، وبعض الدول تتمتع بتنوع عرقي وديني. لذلك، تم إنشاء العديد من المبادرات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي (gen-AI) في محاولة لتعكس هذا التنوع الكامل.
أنتجت ماليزيا حتى الآن ما لا يقل عن نموذجين للذكاء الاصطناعي التوليدي (gen-AI )، الأول هو( MaLLaM ) من قبل شركة/ Mesolitica/ الناشئة، والثاني هو/ Ilmu 0.1 / من شركة / YTL AI Labs/، والذي تم إطلاقه في 12 ديسمبر/كانون الأول. كلاهما يستخدم اللغة الماليزية (BM)، ويفهمان ويستجيبان باللغة الماليزية مع الأخذ في الاعتبار الفروق الثقافية والسياقية.
وأن نموذج ( MaLLaM ) يفهم اللهجات المحلية و16 لغة إقليمية أخرى، لاستخدامها في مساعدة الذكاء الاصطناعي ضمن خدمات الحوسبة السحابية من أمازون ( Amazon Web Services).
تم تطوير مشروع / SEA-LION/ بواسطة شركة الذكاء الاصطناعي السنغافورية الذي يعد بلعب دور نموذج لغة مفتوح المصدر يفهم بشكل أفضل تنوع السياقات والثقافات واللغات في جنوب شرقي آسيا. ومشروع / SEA-LION/ يشمل لغات أخرى وهي الإندونيسية، الفيتنامية، التايلاندية، والتاميلية.
لتقييم كفاءة هذه النماذج اللغوية، قام المطورون باختبارها وفقًا لمجموعة من المعايير التي تضمنت فهم التعلم الآلي متعدد المهام .
التنافس
بينما ينصح المحللون دول منطقة جنوب شرقي آسيا بالاستفادة من اندلاع التكنولوجيا، هناك تعاون بين الدول على الرغم من تنافسها من أجل الحصول على مكانة أفضل.
وقال البروفيسور /تشان تشي سينغ / من قسم الذكاء الاصطناعي بجامعة وهو أحد المشاركين في تطوير مشروع / MMLU/ باللغة الماليزية، إن ماليزيا تعد مناسبة لتكون مركزًا إقليميًا لأنها تمتلك ثلاثة عناصر تعتبر مرغوبة من قبل شركات التكنولوجيا، وهي الأرض والطاقة والمياه.
وأضاف أن الأهم، هو أن هذه المزايا الطبيعية ستكون عديمة الفائدة إذا لم تمتلك ماليزيا البنية التحتية اللازمة لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي في البلاد. شركات التكنولوجيا مثل غوغل، وإنفيديا، ومايكروسوفت تستثمر مليارات الدولارات في بناء مراكز البيانات وتطوير المنشآت التكنولوجية الأخرى، فضلاً عن تدريب وتطوير المواهب المحلية.
"المواهب مهمة، ولكن هذا العنصر يأتي في المرتبة الثانية. العنصر الأساسي هو البنية التحتية. إذا لم تكن هناك بنية تحتية، حتى لو كانت هناك مواهب، فلا فائدة... هؤلاء (المواهب) سيذهبون إلى الخارج للعمل."
حالياً، فإن معظم هذه البنية التحتية لا تزال قيد الإنشاء.
وكالة الأنباء الوطنية الماليزية – برناما//س.ج س.هـ